كشف الملك محمد السادس،في خطاب بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، عن توجه جديد لدعم الجالية المغربية بالخارج، داعياً الحكومة لإعادة هيكلة المؤسسات المعنية بهذه الفئة من المواطنين. ويشمل هذا التوجه إصدار قانون جديد لمجلس الجالية المغربية بالخارج وإنشاء “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”.
محوران رئيسيان في الخطاب الملكي
في هذا الخطاب، الذي استكمل توجيهات خطاب افتتاح البرلمان في أكتوبر 2024، استعرض الملك التقدم المحرز في الدفاع عن الوحدة الترابية، تلاه إعلان “منعطف جديد” في التعامل مع شؤون الجالية المغربية بالخارج، في خطوة تشكل “هندسة ملكية” لإعادة صياغة المنظومة المؤسساتية التي تدير شؤون مغاربة العالم.
تحول مؤسساتي متكامل
تتزامن هذه التوجهات مع خطاب ملكي سابق في أغسطس 2022، حيث دعا الملك إلى إعادة التفكير بعمق في كيفية تعامل الدولة مع المغاربة المقيمين بالخارج. وقد أُطلق فعلياً عمل حكومي في هذا الاتجاه من خلال لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة، لتعزيز الروابط المتنوعة التي تجمع المغاربة بالخارج بوطنهم الأصلي، بما يشمل تعزيز الجوانب الثقافية، اللغوية، الدينية، والهوياتية.
الجالية المغربية ودورها في الدفاع عن الوحدة الترابية
أكد الملك أن المغاربة المقيمين بالخارج يظلون مدافعين عن قضية الصحراء المغربية، القضية الوطنية الأولى. ولفت إلى أن الجالية المغربية تمتاز بارتباطها الوثيق بالوطن، مما يعزز رمزية الربط بين الوحدة الترابية وقضية الجالية المغربية في الخطاب الملكي.
أهمية اقتصادية واجتماعية للجالية المغربية بالخارج
ينظر الاقتصاديون إلى الجالية المغربية بالخارج كقوة اقتصادية واجتماعية رئيسية، حيث تساهم تحويلاتهم المالية بشكل كبير في دعم التنمية. ويسعى أفراد الجالية إلى المشاركة في مشاريع استثمارية أكبر في المغرب، مع نقل المهارات والمعرفة المكتسبة، ما يستدعي توفير الفرص لإشراكهم في التنمية الوطنية.
هيكلة مؤسساتية جديدة
يرتكز هذا الإصلاح على هيكلين مؤسساتيين:
- مجلس الجالية المغربية بالخارج: مؤسسة دستورية ستُعزز بإطار قانوني جديد، يهدف إلى تحديث تشكيلته لجعله أكثر تمثيلاً وقوة اقتراحية لخدمة مغاربة العالم.
- المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج: ستكون وكالة تنفيذية جديدة تُشرف على السياسات العامة، وتشكل نقطة محورية لدعم الجالية، استجابة للتوجيهات الملكية. يُتوقع أن تضطلع المؤسسة بأدوار شاملة تشمل التنسيق والتوجيه، وتبسيط المساطر الإدارية.
مهمات المؤسسة المحمدية الجديدة
إلى جانب توحيد الصلاحيات وتبسيط الإجراءات، ستركز المؤسسة الجديدة على تنفيذ “الاستراتيجية الوطنية للمغاربة المقيمين بالخارج” وتفعيل “الآلية الوطنية لتعبئة الكفاءات المغربية بالخارج”. كما ستوفر منصة موحدة للكفاءات المغربية، وتعمل على تحديث آليات التأطير الثقافي واللغوي والديني لمختلف الأجيال.
تسهيل الاستثمارات والمشاركة الاقتصادية
دعا الملك إلى تحسين آليات استثمارات الجالية، لا سيما أن نسبة استثمارات مغاربة الخارج لا تزال تشكل حوالي 10% فقط من إجمالي الاستثمارات الخاصة بالمغرب. ولتحقيق هذا الهدف، سيتم تعزيز التنسيق بين المؤسسة المحمدية والمراكز الجهوية للاستثمار، والصناديق العمومية، والأبناك المغربية.
نظرة جديدة لمستقبل الجالية المغربية بالخارج
تُمثل الهيكلة الجديدة نقلة نوعية نحو توحيد جهود المؤسسات التي تخدم الجالية المغربية بالخارج، مما يضفي وضوحاً أكبر على المشهد المؤسسي ويضمن تلبية انتظارات الجالية في ظل رؤية متجددة تعكس طموحات الملك محمد السادس.