تقرير أكسفورد 2024: الإدارة العمومية في المغرب بين التحديات وفرص التحسين

المغرب يحتل المرتبة 73 عالميًا في تقرير أكسفورد للإدارة العمومية لعام 2024

سعد الله الملالي28 ديسمبر 2024
سعد الله الملالي
الواجهةمجتمع
تقرير أكسفورد 2024: الإدارة العمومية في المغرب بين التحديات وفرص التحسين

نشرت جامعة أكسفورد تقرير “مؤشر بلافاتنيك للإدارة العمومية” لعام 2024، الذي يقيّم أداء الإدارات العمومية في 120 دولة. اعتمد التقرير على تحليل دقيق لـ 82 نقطة بيانات مستمدة من 17 مصدرًا دوليًا موثوقًا، مثل “سهولة ممارسة الأعمال” الصادر عن البنك الدولي و”مؤشر الشفافية” لمنظمة الشفافية الدولية. باستخدام مقياس موحّد من 0 إلى 1، حصل المغرب على درجة إجمالية بلغت 0.5، ما وضعه في المرتبة 73 عالميًا، ليعكس ذلك واقعًا إداريًا مليئًا بالتحديات وفرصًا غير مستغلة لتعزيز الأداء العمومي.

واعتمد التقرير على أربعة محاور رئيسية لتقييم أداء الدول، وقد جاءت نتائج المغرب متباينة على النحو التالي:

  1. الاستراتيجية والقيادة:
    احتل المغرب المرتبة 78 في هذا المحور، مما يشير إلى وجود تحديات في التخطيط الاستراتيجي وتحديد الأولويات الوطنية. ضعف الرؤية الاستراتيجية يؤثر على قدرة الإدارة العمومية على تحقيق أهداف التنمية بشكل متكامل ومستدام.
  2. السياسات العمومية:
    جاء المغرب في المرتبة 71 في هذا المجال، مما يعكس أداءً متوسطًا في صياغة وتنفيذ سياسات عمومية قادرة على مواجهة التحديات التنموية. هناك حاجة إلى تحسين آليات اتخاذ القرار وتعزيز الربط بين الخطط الوطنية والتطبيق العملي.
  3. التسليم الوطني:
    أظهر المغرب أداءً نسبيًا جيدًا في محور التسليم الوطني، حيث حصل على المرتبة 63. ومع ذلك، هناك حاجة ملحة لتحسين الكفاءة في تنفيذ البرامج الحكومية واستغلال الموارد بطريقة أكثر فاعلية.
  4. الأفراد والعمليات:
    في هذا المحور، حصل المغرب على المرتبة 76، مما يبرز أهمية تطوير الكفاءات البشرية، تحسين بيئة العمل، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية التي لا تزال تشكل عائقًا أمام كفاءة الإدارة.

كما كشف التقرير عن عدد من التحديات الكبرى التي تواجه الإدارة العمومية في المغرب، أبرزها:

  • التعقيد البيروقراطي: الإجراءات الإدارية الطويلة والمعقدة تعيق الكفاءة وسرعة الإنجاز.
  • غياب الابتكار: نقص الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة يؤثر على فعالية العمليات الإدارية.
  • ضعف تأهيل الموارد البشرية: هناك حاجة إلى برامج تدريب مستدامة لرفع كفاءة الموظفين العموميين وتحسين أدائهم.

ورغم هذه التحديات، أشار التقرير إلى وجود فرص واضحة لتحسين الأداء، منها:

  • تعزيز الشفافية: تحسين الوصول إلى المعلومات وبناء ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية.
  • الاستثمار في التكنولوجيا: اعتماد الحلول الرقمية لتطوير العمليات الإدارية وزيادة الكفاءة.
  • الاستفادة من التجارب الدولية: دراسة الممارسات الناجحة لدول متقدمة مثل سنغافورة والنرويج.

ومن حيث المقارنة فقد تصدر المؤشر دول مثل سنغافورة بدرجة 0.85، بفضل أدائها المتميز في التسليم الوطني والسياسات العمومية. وجاءت النرويج في المرتبة الثانية بدرجة 0.84، متفوقة في مجال الأفراد والعمليات. أما كندا والدنمارك فقد احتلتا المرتبة الثالثة بدرجة 0.83، مع تميز الدنمارك في مجال الاستراتيجية والقيادة.

على الطرف الآخر، جاءت دول مثل السودان وميانمار ونيكاراغوا في المراتب الأخيرة نتيجة الأزمات السياسية والهيكلية التي تعيق تقدمها الإداري.

وفي هذا الإطار قدم تقرير أكسفورد عددًا من التوصيات لتحسين أداء الإدارة العمومية في المغرب:

  1. تعزيز التخطيط الاستراتيجي: وضع رؤى وأهداف واضحة تستند إلى بيانات دقيقة وتحليل شامل.
  2. تبسيط الإجراءات الإدارية: تقليل التعقيد البيروقراطي الذي يعيق سرعة الإنجاز وفعاليته.
  3. الاستثمار في الموارد البشرية: اعتماد برامج تدريب وتطوير مستدامة لتحسين الكفاءة وتعزيز روح الابتكار.
  4. اعتماد التكنولوجيا والابتكار: تنفيذ برامج التحول الرقمي لتطوير العمليات الإدارية وتحسين تقديم الخدمات.
  5. بناء شراكات دولية: الاستفادة من الخبرات الدولية في تحسين الإدارة العمومية وتحقيق التنمية المستدامة.

و يشير تقرير “مؤشر بلافاتنيك للإدارة العمومية” لعام 2024 إلى أن المغرب، رغم التحديات، يمتلك إمكانات كبيرة لتحسين أداء إدارته العمومية. تحقيق هذا الهدف يتطلب التزامًا جادًا بإصلاحات هيكلية تعزز الكفاءة، تدعم الابتكار، وتبني الثقة بين المواطنين والإدارة. الإدارة العمومية الفعّالة ليست فقط أداة لتحقيق التنمية، بل هي ركيزة أساسية لبناء مستقبل مستدام يلبي تطلعات الشعب المغربي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة