قال بلال التليدي، الباحث المتخصص في دراسة الحركات الإسلامية، إن بعض الحداثيين ينتقدون على الفقهاء تحجرهم في اثبات النسب بالبصمة الوراثية، ويعتبرون ان اجتهادهم خارج التاريخ، وضد التقدم العلمي!
وأضاف بلال من خلال تدوينة على حسابه الخاص على موقع فيسبوك، أن “بعضهم يحاول ان يظهر نضج عقله الاجتهادي ويقول لقد عمل الرسول الكريم بالقيافة، وهي اقل قطعا ويقينا من البصمة الوراثية، فكيف لا نعمل نحن اليوم بالبصمة الوراثية”.
والحقيقة، يشدد المتحدث، “أن عقل الفقهاء في هذا الموضوع اظهر تفوقه ونضجه وفهمه العميق للواقع ومراعاته للعواقب الاجتماعية اكثر من الذين يدعون الانتساب للحداثة ، فالفقهاء خاصة المالكية بنوا قضية النسب على اليقين لا الشك”.
وأكد التليدي، أن” الأمثلة التي تورد في الفقه الاسلامي تدور الحالات بين تنازع حول نسب الولد مع وجود فراش، حكم فيه رسول الله عليه السلام باولوية الفراش ولو بمخالفة القيافة، وبوجود اقرارين من رجلين بانتساب الابن لهما، فكانت القيافة ترجيحا لثبوت نسب بالاقرار، وليس في الحالات المذكورة ما نحن بصدده، اي حالة علاقة غير شرعية، وادعاء امراة ان ولدها من فلان بدون استلحاق. فهذه الحالة التي ينتفي فيها الفراش، وينتفي فيها الاقرار ، ولا يوجد التنازع بوجود اقرارين، ولم يتم استلحاقه من قبل الزاني، فقد رفض اغلب الفقهاء اعمال البصمة الوراثية فيها ليس لانها ليست قطعية او فيها هامش ضئيل من الشك، ولكن لانها تفتح مجالا للادعاء الواسع بما يعرض بعض الاسر للاضطراب وعدم الاستقرار، اذ يلزم من ادعاء المرأة اخضاع المدعى عليه للخبرة الجينية، فيترتب عن ذلك تدمير استقرار اسر لمجرد الادعاء او التشهير بسمعة ناس أبرياء”.
وأورد التليدي، رأي الدكتور الريسوني الذي قال إن البعض ينتصرون له، معتبرا، أن هذا الرأي “انما يهم وجود زنا واعتراف الزاني بالزنا وما ترتب عنه من ولادة. اجتهاد علماء المغرب في هذه النارلة كان معروفا اذ نصحوا بستر هؤلاء وتزويجهم”.
كما أوردت التدوينة، موقف للشيخ عبد الله كنون، رحمه الله الذي كان يقول: لا تكثروا علينا اولاد الحرام، بينما حداثيو اليوم يريدون توسيع الامر فيما لا اعتراف فيه بالزنا ويريدون خلق نمط آخر من الاسر مبني على غير قاعدة الزواج.
وقال بلال التليدي، “حكا لي صديق محام، ان امراة جاءت تستعطفه، تدعي ان ابنها تم خطفه من المستشفى من احد المسؤولين، وان المستشفى غير لها الولد ببنت، وانها امه، وان السيد المسؤول عاقر، وانها تريد اجراء الخبرة الجبنية بعد مضي اكثر من عشرين سنة عن حادثة لا تملك اي دليل مادي عليها، فلما التمس صديقي رأي القاضي في المسألة قال له: هل لمجرد مرض نفسي لامراة او توهمها يطلب منا ان نجري الخبرة الجينية على امة سيدنا محمد كاملة ارضاء لخاطرها. فكلما ادعت، نقوم لنجري الخبرة الجينية على من ادعت عليه وندمر اسرا بكاملها ونمس باستقرارها”.
وأردف، “لنفترض ان امراة واقعت اكثر من رجل، فلما حملت، اختلط عليها الامر فهل يجاريها القضاء كلما فتحت رجليها، ويفتح الامكانية لإجراء الخبرة الجينية على كل هؤلاء، وربما على آخرين لا علاقة لها بهم لمجرد الرغبة في التوريط او الابتزاز؟
وساءل بلال الحداثيين، ماذا لو فوجئت يوما بادعاء امراة ان لها ولدا منك، وطالبت باجراء خبرة الحمض النووي عليك، فكيف سيكون مصير اسرتك في الفترة التي تسبق ظهور نتائج التحليل، وهل ستستجيب لامر القاضي باجراء الخبرة الجينية وانت تعرف ان الامر كله هراء في هراء، اًو ربما ابتزاز في ابتزاز او ارادة في تشويه سمعة؟ وكيف ستواجه زلزلة داخل بينك احدثتها تعديلات طالبت بها دون ان تعرف تداعياتها الخطيرة؟