أحمد نور الدين يكتب: الاتحاد الافريقي ومعركة طرد جمهورية تندوف..

جورنال2421 سبتمبر 2022
جورنال24
أقلام وأراءالواجهة
الاتحاد الإفريقي
إسرائيل نور الدين
     أحمد نور الدين خبير في العلاقات الدولية وشؤون الصحراء

افتتاح القنصليات مكسب من بين مكتسبات ديلوماسية ثمينة حققها المغرب في السنوات الاخيرة، وتستحق منا الاشادة والتقدير، ومنها على الخصوص الاعتراف الامريكي بسيادة المغرب الكاملة على اقاليمه الجنوبية، ومراجعة إسبانيا لموقفها باتجاه دعم المقترح المغربي كحل امثل للنزاع، إلى جانب مواقف دول اوربية وامريكولاتنية وعربية داعمة لوحدة المغرب بشكل صريح أو على الأقل لمقترح الحكم الذاتي ضد المشروع الانفصالي الذي يتبناه ويموله ويرعاه النظام العسكري الجزائري.

ورغم أهمية هذه الاعترافات وهذه القنصليات، إلا أن الهدف الاستراتيجي يبقى هو طرد جمهورية تندوف الوهمية من الاتحاد الافريقي، وهذا ما أشار اليه العاهل المغربي في رسالته الموجهة إلى القادة الأفارقة في قمة كيغالي عام 2016، حين قال بأنه يجب “تصحيح الخطأ التاريخي” الذي وقعت فيه المنظمة الافريقية حين قبلت عضوية كيان لا تتوفر فيه شروط العضوية كما كانت تنص عليها المادة الرابعة من ميثاق الوحدة الإفري٤ية آنذاك.

وبالنسبة لسؤال كيف ذلك؟ سأتطرق لبعض المرتكزات دون تفاصيل حتى لا نفسد عنصر المفاجأة في معركتنا مع العدو، ونحن نعلم أن المفاجأة نصف الانتصار في الحروب الدبلوماسية كما العسكرية. وأعتقد ان المغرب يتوفر على مئات العقول في مجال الدبلوماسية والعلاقات الدولية والسياسة والقانون ممن يملكون الأهلية والقدرة على وضع الحلول والاجتهادات سواء في الجوانب المتعلقة بالقانون الدولي او الجوانب السياسية والدبلوماسية لمقاربة طرد الكيان الانفصالي.

ولكن إجمالا، يمكن القول أن الأصوات التي تقول بأنه لا يمكن طرد ما يسمونه عضوا مؤسسا أو أنه يجب التوفر على ثلثي الأصوات، ومع احترامي لهم فإنهم قد وقعوا في فخ البروبكاندا الجزائرية. وبكل تواضع أقول لهم بأنهم أخطأوا الطريق، وبتواضع أكبر مته أقول لهم بأن هناك طريقا أخرى يمكن أن توصل إلى الهدف المنشود بكل أريحية وبقوة القانون، وما عليهم إلا أن يجتهدوا في قراءة النصوص القانونية، وان يجتهدوا في المقاربة السياسية، وأعتقد أن هناك دبلوماسيين ورجال قانون ممن لهم اجتهادات دقيقة في هذا الموضوع بل ومقترحات عملية، ولكن كما يقول المثل “مزمار الحي لا يطرب”، وحتى لا يصطاد احد في المياه العكرة أؤكد لكم بأني لست المعني بهذا الكلام، بل اقصد قامات مغربية عالية لها كلمتها لمن يريد استشارتها والاستماع إليها.

بعد هذا التاطير يمكن ان اذكر بما قلته في مناسبات عدة في هذا المنبر وفي منابر كثيرة، وهي أن المقاربة يجب ألا تكون انفرادية حتى لا تتكرر تجربة الرسالة التي وقعتها 28 دولة افريقية صديقة وشقيقة سنة 2016، من أجل طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي ولكنها بقيت حبرا على ورق. اذن يجب ان نتواضع ونشرك حلفاءنا الأفارقة منذ البداية في اي مقاربة لتحقيق الهدف المنشود.

ثم إن المقاربة ينبغي لها أن تقوم على ركيزتين، واحدة قانونية صرفة، والأخرى سياسية. ومن بين العناصر التي ستؤثث هذه المقاربة كون الاتحاد الإفريقي هو منظمة للدول المستقلة ذات السيادة، وليس ناديا للحركات الانفصالية او حتى للحركات التحررية إن وجدت. كما أن الكيان الوهمي لا يتوفر على مقومات الدولة، من السيادة على الارض وعلى الشعب والمؤسسات التي تقوم على هذه الارض، وغيرها من مظاهر السيادة الاخرى كأوراق الهوية وجوازات السفر والعملة وغيرها كثير.

وعلى نفس النهج لا ننسى المبادئ القانونية العامة ومنها أن ما بني على باطل فهو باطل، والكيان الوهمي كان قد تسلل إلى المنظمة الافريقية سنة 1982 في خرق تام لميثاقها آنذاك وخاصة المادة الرابعة في اكبر عملية لشراء الذمم بالبترودولار الجزائري، وأكبر عملية نصب واحتيال على الدول الافريقية شارك فيها الأمين العام للوحدة الافريقية آنذاك المدعو آدم كودجو الذي تواطأ مع النظام الجزائري.

إضافة إلى ذلك، المبادرة المغربية الافريقية المنتظرة يجب ان تشير إلى كون الاعتراف بجمهورية تندوف يتناقض مع مطلب هذا الكيان ومطلب النظام الجزائري في تقرير مصير ساكنة إقليم الصحراء، فإما ان هذا الكيان دولة مستقلة وبالتالي يجب أن تتوقف تندوف والجزائر عن المطالبة بتقرير المصير لأننا لا يمكن أن نقرر مصير دولة مستقلة، واما أن هذا الكيان ليس دولة مستقلة فلا يحق له إذن الحصول على العضوية في المنظمة الافريقية الا بعد أن يستقل ويتمتع بالسيادة على الارض وعلى الشعب.

إلى جانب ذلك، جميع الافارقة يعلمون أن كل دولة افريقية تنتمي إلى إحدى التكتلات الاقليمية، إلا هذا الكيان الوهمي فهو لا ينتمي إلى أي تجمع اقليمي، ولو كان دولة حقيقية لكان من المفروض ان ينتمي إلى الاتحاد المغاربي، ونحن نعلم ان الاتحاد المغاربي الذي تنتمي له دول شمال إفريقيا ومنها الجزائر، راعية الانفصاليين، منظمة تضم خمس دول فقط ليس منها كيان تندوف.

هذه بعض العناصر في المقاربة ولا اريد أن اتجاوزها الى التفاصيل كما قلت لكم في البداية حتى لا نفسد على خارجيتنا عنصر مفاجأة العدو في هذه المعركة الدبلوماسية الحاسمة.

يبقى أن اعيد التذكير بأن طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي مسألة ملحة واستراتيجية لأنه اذا بقي داخل الاتحاد فإنه سيعرض المغرب للابتزاز الدائم في لعبة سحب الاعترافات واعادة الاعتراف وانتم ترون ما قامت به العديد من الدول الافريقية بما فيها كينيا سنة 2006 او ما قامت به دول من خارج إفريقيا مثل البيرو وكولومبيا. كما أن استمرار هذه الخلية السرطانية في الجسم الافريقي سيعرض الموقف المغربي لهزات دبلوماسية عنيفة مع التجمعات الدولية كما حدث مؤخرا مع قمة “تيكاد” او ما حدث سابقا في القمة الاوربية الافريقية او حتى في القمة العربية الافريقية سنة 2016. وهذه الهزات الدبلوماسية قد تمس مصداقية الدبلوماسية المغربية لأنها تحضر قمما وتقاطع أخرى مما قد يجعلها تناقض نفسها بنفسها أو على الأقل هكذا ستبدو للبعض.

وأخيرا يجب القول بأن معركة طرد جمهورية تندوف الوهمية من المنظمة الافريقية خطوة مهمة على طريق الحسم النهائي للنزاع في اللجنة الرابعة للامم المتحدة، والتي من دونها اي الحسم في اللجنة الرابعة سيبقى الجرح نازفا لا قدر الله، وهذا يستدعي تشميرا عن ساعد الجد من قبل الخارجية المغربية وعملا شاقا دؤوبا وتعبئة لكل مؤسسات الدولة وقواها الحية وتعاونا وثيقا مع الدول الصديقة والشقيقة، والابتعاد عن الدونكيشوطية والاقصاء.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة