أثار المدير السابق للاستخبارات الخارجية الفرنسية (DGSE)، آلان جوييه، الجدل بتصريحاته الصادمة حول تاريخ الجزائر، حيث صرح في لقاء إعلامي أن “الجزائر لم تكن موجودة (…) نحن الفرنسيون من صنعناها”، في إشارة إلى أن البلاد لم يكن لها كيان سياسي موحد قبل الاحتلال الفرنسي.
وأوضح جوييه، أن الجزائر قبل الاستعمار الفرنسي كانت تحت الحكم العثماني ولم تكن موجودة كدولة مستقلة، بل كانت ولاية عثمانية تحكمها سلطة البايات، مؤكدا أن الحرب ضد فرنسا هي التي شكلت الأساس الحقيقي للهوية الوطنية الجزائرية الحديثة.
كما اعتبر أن النظام الجزائري لا يزال يستغل الماضي الاستعماري كأداة سياسية، محملا فرنسا مسؤولية الأزمات التي تمر بها البلاد، بدلا من مواجهة تحدياتها الداخلية.
وفي إطار عرضه للعلاقات الفرنسية الجزائرية، تطرق جوييه إلى قضية الهجرة، مشيرا إلى أن بعض الاتفاقيات المبرمة بعد استقلال الجزائر سهلت تدفق المهاجرين الجزائريين إلى فرنسا ومنحتهم امتيازات اجتماعية خاصة. لكنه أضاف أن هذه السياسات خلقت مجتمعات معزولة وجعلت عملية الاندماج أكثر تعقيدا، وهو ما قال إنه يفسر بعض التوترات في الضواحي الفرنسية ذات الكثافة السكانية الجزائرية الكبيرة.
وانتقد المسؤول الاستخباراتي السابق تعامل الحكومة الفرنسية مع الظاهرة، قائلا إن باريس فشلت في فرض سياسات اندماج صارمة، واقترح ربط الحصول على الجنسية الفرنسية بأداء الخدمة العامة، كما هو الحال في بعض البلدان الأخرى، لضمان الاندماج الحقيقي في المجتمع الفرنسي.
ولم يخل خطاب جوييه من توجيه انتقادات مباشرة للسلطات الفرنسية بشأن موقفها في مواجهة “النداءات الاستفزازية والعنيفة” التي أطلقها بعض المؤثرين الجزائريين المقيمين في فرنسا. وهو يعزو ذلك إلى ما وصفه بـ “عقدة الذنب الاستعماري” التي تعاني منها فرنسا، والتي تمنعها من اتخاذ قرارات حاسمة لحل هذه المشاكل. كما أكد على وجود نقص في الإرادة السياسية للتعامل بجدية مع التحديات التي تطرحها الجزائر، سواء داخل فرنسا أو على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين.
وتعكس تصريحات جوييه، التي تحمل رؤى تاريخية وسياسية مثيرة للجدل، الجدل المحتدم الذي يستمر حول الإرث الاستعماري الفرنسي في الجزائر، وتؤكد أن العلاقات بين البلدين لا تزال تحكمها تاريخ معقد لم تُطوى صفحاته بالكامل.
وكان الكاتب السياسي واليميني المتطرف إيريك زمور، قد أكد أيضا خلال مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة “سي نيوز” الفرنسية، إنه لم يكن هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.
وبرر زمور ذلك بأن فرنسا هي من أنشأت الجزائر، فهي كانت مستعمرة منذ الأزل من قبل مستعمرين كُثر، من بينهم الرومان والعرب والإسبان والعثمانيين، وأخيراً الفرنسيين عام 1830″ على حد قوله.
