كشف تقرير حديث للمجلس الأعلى للحسابات، صدر الجمعة 14 دجنبر 2024، عن استمرار تفاقم أزمة المياه في المغرب، بالرغم من الجهود المبذولة لتوسيع استخدام تقنيات الري الموضعي وتطوير شبكات السقي الجماعي. وذكر التقرير أن هذه الإجراءات لم تنجح في الحد من استنزاف المياه الجوفية، ما يعكس الحاجة إلى حلول أكثر شمولًا واستدامة لمواجهة الإجهاد المائي في ظل التغيرات المناخية المتزايدة.
ووفقًا للتقرير، بلغت المساحة المزودة بنظام الري الموضعي نحو 794 ألف هكتار مع نهاية 2023، ما يمثل 50% من إجمالي المساحات المسقية. ورغم هذا التحسن، أشار التقرير إلى التأخيرات في تنفيذ عدد من مشاريع السدود الكبرى، مثل سد مداز بإقليم صفرو وسد تاركا أو مادي بإقليم كرسيف. وعزى التقرير هذه التأخيرات إلى مشاكل تتعلق بفسخ صفقات الأشغال، رغم الشروع في ملء سد مداز منذ فبراير 2024، فيما من المتوقع انتهاء الأشغال في السدود الأخرى بحلول 2026.
وفيما يتعلق بتعزيز العرض المائي، شهدت السعة التخزينية الإجمالية للسدود ارتفاعًا من 18.7 مليار متر مكعب في 2020 إلى 20.7 مليار متر مكعب في 2023، مع تشغيل سدود جديدة كجزء من برنامج وطني أطلق في 2020. ويهدف البرنامج إلى رفع السعة التخزينية إلى 24 مليار متر مكعب بحلول 2027، مع تعزيز الربط بين الأحواض المائية، حيث جرى تشغيل مشروع الربط بين حوض سبو وحوض أبي رقراق بغلاف مالي قدره 6 مليارات درهم.
التقرير أبرز أهمية تحلية مياه البحر كحل استراتيجي لتجاوز العجز المائي، حيث ارتفع عدد محطات التحلية من ثمانٍ بطاقة إنتاجية 46 مليون متر مكعب سنويًا قبل 2020، إلى 15 محطة بطاقة إجمالية تبلغ 192 مليون متر مكعب سنويًا في 2024. وتوجد ست محطات إضافية قيد الإنجاز، أبرزها محطة الدار البيضاء بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 مليون متر مكعب سنويًا، مما يبرز دور الابتكار في مواجهة تحديات إدارة الموارد المائية.
كما سلط التقرير الضوء على ضعف الاستفادة من المياه العادمة المعالجة، حيث بلغ حجم المعالجة 37 مليون متر مكعب في 2023، رغم أن الهدف المحدد للبرنامج الوطني هو الوصول إلى 100 مليون متر مكعب سنويًا بحلول 2027. وأرجع التقرير هذا القصور إلى غياب الإطار القانوني والمؤسساتي الذي ينظم استخدام المياه المعالجة في القطاع الزراعي، ما يستوجب تدخلًا حكوميًا لتطوير الآليات الضرورية.
واختتم المجلس الأعلى للحسابات توصياته بالتأكيد على ضرورة تعزيز التدبير المندمج للموارد المائية، وتسريع تنفيذ المشاريع المؤجلة، مع التركيز على الابتكار والتمويل المستدام لمواجهة التحديات. كما شدد على أهمية التنسيق بين وزارات التجهيز والماء، الفلاحة، والاقتصاد لتطوير السياسات المائية، مع مراعاة تقاطعات قطاعات الماء والطاقة والفلاحة لضمان استدامة الموارد وتحقيق الأمن المائي في البلاد.