بكار السباعي يكتب: وجهة نظر بخصوص أهمية مراجعة مدونة الأسرة

جورنال2428 ديسمبر 2024
جورنال24
أقلام وأراءالواجهة
مدونة الأسرة
مجلس الأمن
            ذ/ الحسين بكار السباعي
        محام وباحث الهجرة وحقوق الإنسان

يكتسي مشروع مراجعة مدونة الأسرة المغربيةأهمية بالغة، حيث يجسد تفاعلا مع التحولات الاجتماعية والحقوقية التي تشهدها المملكة في إطار التحديث السياسي والقانوني، وفي ظل الحفاظ على الثوابت الدينية.
سنقوم معا عزيزي المتلقي الى رصد هذه الأهمية في ثماني أفكار تحمل حمولة قانونية وتحليلا أكاديميا حول هذا المشروع:

1. التوازن بين الشريعة والحداثة:                                                                                                                         تعد المراجعة المقترحة لمدونة الأسرة مدخلا أساسيا لفهم كيفية تحقيق التوازن بين المتطلبات الدينية الإسلامية والقيم الحداثية في التشريع. لقد أكد جلالة الملك على ضرورة تحكيم القيم الدينية في الإصلاحات المقترحة، مع الحفاظ على مكتسبات الحداثة مثل حقوق المرأة، وهو ما يتطلب الاجتهاد الفقهي المعتدل الذي يتماشى مع متغيرات العصر، ويضمن حقوق جميع أطراف الأسرة المغربية.

2. الدور الدستوري للمجلس العلمي الأعلى:
يبرز الدور المحوري للمجلس العلمي الأعلى، الذي ينص الدستور على كونه الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الفتاوى الرسمية، من خلال مراجعته لمقترحات تعديلات مدونة الأسرة، يتجلى إستخدامه كمؤسسة دستورية لضمان توافق الإصلاحات مع الشريعة الإسلامية. هذه الهيكلة تضمن في الوقت ذاته احترام الدين وتطور المجتمع.

3. إشراك جميع الفاعلين في الإصلاح:
يعتبر إشراك مختلف الهيئات الدستورية مثل وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكذلك هيئات المجتمع المدني، جزءا من الإصلاح التشريعي الشامل ، هذا التوجه يبرز احترام المبدأ الدستوري الذي يكرس الديمقراطية التشاركية، ويعكس إرادة الإصلاح في إطار النقاش العام بين مختلف الفاعلين السياسيين والمجتمعيين.

4. إصلاحات تهم حقوق المرأة:                                                                                                                        تجسد مراجعة مدونة الأسرة تطورا ملموسا في تعزيز حقوق المرأة المغربية، سواء في ما يتعلق بالطلاق، أو النفقة، أو حقوق الأم في حضانة الأطفال. هذه المراجعة تتوافق مع الخيارات الحداثية التي اختارها المغرب في مسار تعزيز المساواة بين الجنسين، بحيث يتم تعزيز دور المرأة في المجتمع دون المساس بالأصول الدينية.

5. العدالة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة:
من أحد الأهداف الرئيسة للإصلاح ضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة المغربية ، حيث جلالة الملك شدد على ضرورة ضمان الحماية القانونية للأسرة، مما يعكس التزاما بالعدالة والمساواة في المعاملات الأسرية، وذلك من خلال نصوص قانونية واضحة تسهم في تقليل النزاعات القضائية وتوضيح الحقوق والواجبات بين الزوجين.

6. الإصلاح في إطار مرجعية دينية قوية:
تأتي مراجعة مدونة الأسرة ضمن نطاق مرجعية دينية قوية لا تتناقض مع المعايير القانونية الحديثة ، هذه المراجعة تسعى إلى الحفاظ على التوازن بين إحترام الدين والتفاعل مع التطورات الاجتماعية الحديثة، مثل التغيرات في طبيعة الأسرة المغربية ومسؤولياتها ، هذا التوجه يستند إلى مبدأ “الاجتهاد الفقهي المعتدل” الذي يعزز من قابلية النصوص القانونية للتطور.

7. استقلالية النظام القضائي في تنفيذ الإصلاحات:
يعتبر النظام القضائي جزءا من صلب الإصلاح، حيث يعهد إليه بتنفيذ التعديلات عبر محاكم الأسرة المتخصصة. في هذا السياق، يشير بلاغ الديوان الملكي إلى أهمية تدعيم هذه المحاكم ورفع كفاءتها لتلبية متطلبات تطبيق الإصلاح بشكل فعال، ما يعكس التزام المغرب بتعزيز استقلالية القضاء.

8. العدالة في تصورات الأدوار داخل الأسرة:
مراجعة المدونة يهدف أيضا إلى تجديد تصورات الأدوار الأسرية، خاصة في ما يتعلق بعلاقة الزوجين والأبناء. من خلال التأكيد على مبدأ “عدم تحريم الحلال ولا تحليل الحرام”، من خلال الرقي بهذه المراجعة إلى تعديل الأطر القانونية بما يتناسب مع تطورات الواقع الاجتماعي مع الحفاظ على الحقوق الدينية لجميع الأطراف داخل الأسرة.

ختاملا تلكم ياسادة النقط الثمان حسب وجهة نظرنا المتواضعة ، والتي تظهر مشروع مراجعة مدونة الأسرة كخطوة نحو تحديث التشريع المغربي في مجال الأسرة، بما يتماشى مع تطور المجتمع وظروفه المتغيرة، مع الحفاظ على القيم الدينية الأساسية التي تشكل جزءا من هوية المملكة المغربيةالشريفة .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة