أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) إدراج الحناء والصابون النابلسي وصابون الغار الحلبي في قائمة التراث الثقافي غير المادي، باعتبارها تقاليد تجسد الهوية الثقافية للمجتمعات التي تمارسها. جاء هذا الإعلان خلال اجتماع اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي في أسونسيون عاصمة باراغواي، حيث تم إدراج 66 عنصراً جديداً على اللائحة.
الحناء، التي تعود أصولها إلى مصر القديمة، تُعتبر جزءاً أساسياً من التقاليد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا. تُستخدم هذه النبتة المجففة والمطحونة لتشكيل عجينة توضع على الأيدي والأقدام في حفلات الزفاف والمناسبات الاجتماعية، حيث ترمز إلى دورة حياة الفرد من الولادة وحتى الوفاة. وترافق طقوس الحناء أشكال تعبير شفهي مثل الأغنيات والحكايات التي تُروى أثناء تطبيقها. وقد تبنت 16 دولة عربية، منها الجزائر ومصر والسعودية واليمن، ترشيح الحناء لتكون جزءاً من التراث الثقافي العالمي.
أما صابون الغار الحلبي، الذي يُعد من أقدم أنواع الصابون في العالم، فتم إدراجه بسبب تاريخه العريق الذي يعود إلى ثلاثة آلاف عام. يُصنع هذا الصابون في مدينة حلب السورية باستخدام زيت الزيتون وزيت الغار المحليين، في عملية تتطلب توازناً دقيقاً وصبراً طويلاً من الحرفيين. يتم تقطيع الصابون وتشكيله بمكعبات تختم يدوياً بأختام تحمل أسماء العائلات المصنعة، ثم يُجفف على مدى شهور في أبراج تسهِّل مرور الهواء. لكن صناعة هذا الصابون تأثرت بشدة نتيجة النزاع المستمر في سوريا منذ عام 2011، حيث تقلص عدد المصانع في حلب بشكل كبير، وانتقل بعضها إلى مدن أخرى مثل دمشق وطرطوس وحتى إلى تركيا.
كما أدرجت اليونسكو صناعة الصابون النابلسي الفلسطيني، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام. يُنتج هذا الصابون باستخدام زيت الزيتون، الماء، والصودا الكاوية، ويتم تصنيعه يدوياً في ورش صغيرة أو منازل منتشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة. تلعب العائلات دوراً رئيسياً في هذه الصناعة التقليدية، حيث يشارك الرجال والنساء والأطفال في جميع مراحل الإنتاج، من التحضير وحتى التغليف. ويعتبر الفلسطينيون في الداخل والشتات هذه الحرفة رمزاً لارتباطهم بالطبيعة وهويتهم الثقافية.
إدراج هذه العناصر في قائمة التراث الثقافي غير المادي يسلط الضوء على أهمية حماية هذه التقاليد القديمة والحفاظ عليها للأجيال القادمة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المجتمعات التي تمارسها، سواء بسبب النزاعات أو العولمة التي تهدد باندثارها.