تحتضن العاصمة السعودية الرياض، اليوم الأحد، قمة دولية تجمع وزراء خارجية من الشرق الأوسط وأوروبا، لمناقشة الوضع في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. وتهدف القمة إلى تحقيق الاستقرار في سوريا، في ظل قيادة جديدة تحاول التخفيف من وطأة العقوبات الدولية وإعادة بناء الدولة المنكوبة.
وأكد مسؤول سعودي، السبت، أن القمة ستتضمن جلستين رئيسيتين، الأولى تجمع مسؤولين عربًا، بينما ستكون الجلسة الثانية بمشاركة أوسع تشمل ممثلين عن تركيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وتأتي هذه التحركات في سياق مساعي رئيس الإدارة الجديدة في دمشق، أحمد الشرع، إلى تعزيز الدعم الدولي ورفع العقوبات الغربية التي فُرضت على سوريا منذ 2011، حين شنت حكومة الأسد حملة قمعية ضد الاحتجاجات الشعبية، مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية استمرت أكثر من 13 عامًا. هذا النزاع تسبب في مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وتدمير الاقتصاد السوري، وتشريد الملايين.
جهود دولية لتحقيق الاستقرار
تعتبر القمة امتدادًا للاجتماعات السابقة، بما في ذلك لقاء عُقد في العقبة الشهر الماضي، لبحث مستقبل سوريا بعد الأسد. ومن بين الشخصيات البارزة الحاضرة، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، بالإضافة إلى وكيل وزارة الخارجية الأمريكية جون باس.
تركز المحادثات على قضايا الاستقرار الإقليمي، وضمان عدم استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب، والتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية. كما تسعى الدول المشاركة إلى تنسيق الدعم الدولي للتعافي السوري، مع التركيز على تحسين الأوضاع الإنسانية وبناء حكومة شاملة تضمن حقوق الأقليات.
الدور السعودي في دعم سوريا
تشير المساعدات الغذائية والطبية التي أرسلتها السعودية إلى سوريا مؤخرًا إلى بداية جديدة في العلاقات بين البلدين. وتُظهر هذه الخطوة التزام المملكة بدعم سوريا في مرحلة ما بعد الحرب. وأوضحت آنا جاكوبس، الباحثة في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، أن القمة تعكس رغبة السعودية في قيادة جهود إقليمية لتأمين تعافي سوريا.
ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى التزام السعودية، من حيث الوقت والموارد، لتحقيق هذه الأهداف في ظل استمرار العديد من العقوبات الدولية المفروضة على البلاد. وأوضح عمر كريم، خبير السياسة السعودية، أن الرياض تتبنى نهجًا حذرًا تجاه الحكومة الجديدة، وتسعى لتقييم قدرتها على جلب الاستقرار ومكافحة التطرف.
آفاق جديدة للتعاون الإقليمي
في ظل النفوذ المتزايد لكل من تركيا وقطر في سوريا، تسعى السعودية إلى تعزيز وجودها في الملف السوري من خلال مبادرات دبلوماسية، مثل هذه القمة. وتتيح الاجتماعات فرصة أمام الرياض لتنمية نفوذها في سوريا والعمل على إيجاد حلول مستدامة للتحديات التي تواجه البلاد، بما يشمل إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الأمني.
تُعد هذه القمة علامة فارقة في الجهود الدولية لدعم سوريا، مع تركيز على تنسيق الدعم وتخفيف المعاناة الإنسانية، في ظل إدارة جديدة تواجه تحديات جسيمة لإعادة بناء البلاد.