أكد المحلل السياسي، أحمد نور الدين، أن عدم رد الخارجية الفرنسية على بيان الخارجية الجزائرية في حينه، يرجع بالأساس إلى أن الإعلان الموقف الرسمي من قضايا أساسية يخضع لبروتوكول متفق عليه بين الأطراف المعنية، أي بين باريس والرباط في حالتنا هذه، ويتم الاتفاق حول التوقيت ومن يعلن وماذا يعلن.
وكان أحمد نور الدين، وهو الخبير في العلاقات الدولية، والمتخصص في ملف الصحراء، قد أكد في تصريح للجريدة، بعد بيان الخارجية الجزائرية الخميس الماضي، أن باريس تريد أن يكون إعلان موقفها متزامنا مع عيد العرش في ذكراه الفضية (25 عاما)، وهو ما حدث بالفعل، ولعل الجزائر، يقول نور الدين، خمنت ذلك فأرادت القاء حجر في البركة لإفساد الهدية الفرنسية ورمزية توقيت عيد العرش.
واعتبر، نور الدين، أن فرنسا فطنت لمحاولة الجزائر إفساد الترتيبات الدبلوماسية مع المغرب حول الإعلان عن اعترافها بسيادة المملكة على الساقية الحمراء ووادي الذهب، لذلك سكت “الكي دورسي”، أي الخارجية الفرنسية، عن الرد على بيان الخارجية الجزائرية.
اما السؤال الذي يطرحه البعض، عن سبب إخبار باريس للجزائر بموقفها، قبل الإعلان عنه رسميا، فهناك سببان، الأول، حسب المتحدث، أن هذا يندرج ضمن الأعراف الدبلوماسية للدول العريقة، حين تريد اتخاذ موقف حاسم أو تغيير موقفها من قضية أساسية، فإنها تعلم الجهات المعنية قبل الإعلان الرسمي.
اما السبب الثاني، فهو من باب السياسة النفعية، فرنسا أرادت الحفاظ على نصيبها من كعكة الغاز الجزائري ومن الصفقات الأخرى التي حازت عليها شركاتها في الجزائر، وحتى تتفادى رد فعلي جزائري متطرف كما حدث مع اسبانيا، قامت بخطوة استباقية واخبرت حكام الجزائر بالخطوط العامة دون تفاصيل.
وأكد، أحمد نور الدين في ذات التصريح، أن رد الفعل الجزائري يوم 25 يوليوز غير احترافي وغير مهني ويعبر عن مستوى متدني ومستوى الهواة في الدبلوماسية، لأنه لا يمكن لأي بلد يحترم نفسه إصدار بيان رسمي للخارجية للرد على موقف لم تعلن عنه فرنسا آنذاك، وكما يقول المغاربة “حتى يزيد ونسميه سعيد”، فاستباق الموقف الفرنسي جعل من الدبلوماسية الجزائرية أضحوكة في الأوساط الدبلوماسية العالمية، وكرس مقولة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي لمح إلى أن الجزائر “بلد بلا وزن”..
ولكن من جهتنا نحن المغاربة، نتفهم الأمر جيدا، لأن “الصدمة كانت قوية ” كما يقول سي عبد الهادي بلخياط.. وعلى قدر الصدمة كان رد الفعل عنيفا لدى النظام العسكري الجزائري.