اتهمت السلطات الفرنسية مسؤولًا رفيعًا في وزارة الاقتصاد بالتجسس لصالح المخابرات الجزائرية، وإمدادها بمعلومات سرية عن نشطاء جزائريين معارضين للنظام في فرنسا. وكشفت تحقيقات مديرية الأمن الداخلي عن اعتقال المتهم في ديسمبر 2023، بعدما تبيّن تعاونه مع موظف آخر في إدارة الهجرة يحمل الجنسية الجزائرية، في إطار شبكة استهدفت مراقبة شخصيات مؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي.
جاءت هذه الخطوة في ذروة الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، التي تفاقمت بعد إعلان باريس دعمها لخطة المغرب حول الحكم الذاتي في الصحراء يوليو 2023، ما دفع الجزائر لسحب سفيرها من فرنسا. ووفقًا لوثائق التحقيق، استغل المسؤول الفرنسي منصبه للوصول إلى ملفات سرية، خاصة بملفّات جزائريين مقيمين في فرنسا، بينهم معارضون سياسيون للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
أشارت مصادر إعلامية فرنسية إلى أن المتهمين ركّزا على مراقبة نشطاء يتمتعون بمتابعة واسعة على منصات مثل “فيسبوك” و”تيك توك”، حيث نقلوا تفاصيل تحركاتهم وعلاقاتهم إلى جهات جزائرية. وتُعتبر هذه القضية الأولى من نوعها التي تُكشف فيها أدلة على تعاون مسؤولين فرنسيين مع مخابرات دولة أجنبية في إطار صراعات سياسية.
في سياق متصل، زادت حدة التوترات بعد سجن السلطات الجزائرية الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، بسبب تأييده المعلن لموقف المغرب في نزاع الصحراء خلال مقابلات إعلامية. وأثارت القضية غضبًا في الأوساط الحقوقية الفرنسية، التي وصفت الحكم بـ”الانتقام السياسي” ضد حرية التعبير.
تحاول فرنسا من جانبها احتواء الأزمة عبر قنوات دبلوماسية سرية، وفقًا لمصادر أوروبية، لكن التوترات تبدو عميقة في ظل دعم الجزائر المعلن لجبهة البوليساريو. ويُتوقع أن تؤثر هذه الأزمة على التعاون الأمني بين البلدين في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر.
تُركّز التحقيقات الفرنسية حاليًا على مدى اختراق الشبكة الجزائرية لمؤسسات حساسة، بينما تتجه الجزائر إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية مع روسيا والصين، في خطوة تُفسر كرد فعل على التقارب الفرنسي-المغربي.