حكومة الفراقشية.. قوانين مستعجلة والمواطن خارج الحسابات

جورنال2425 ديسمبر 2025
جورنال24
أقلام وأراءالواجهة
أخنوش الحكومة جودة الهواء المعارضة تعيينات

 

 جراف.jpg - جورنال 24
         رضوان جراف صحفي مهني

لم يعد خافياً على أحد أن حكومة عزيز أخنوش اختارت، منذ بداية ولايتها، نهجاً تشريعياً يقوم على السرعة، وفرض الأمر الواقع، وتهميش النقاش العمومي، في سلوك يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى احترامها لروح الدستور، ولأبسط قواعد الممارسة الديمقراطية.

فما يجري اليوم داخل البرلمان، بغرفتيه، لا يمكن وصفه إلا بكونه سباقاً محموماً لتمرير القوانين، دون اكتراث حقيقي بمواقف المعارضة، أو بتحفظات المجتمع المدني، أو حتى بانشغالات المواطنين الذين يفترض أن تكون هذه القوانين في خدمتهم. الأغلبية العددية تحولت إلى أداة لفرض اختيارات أحادية، لا تمتّ بصلة لخطاب الإصلاح والديمقراطية الذي رُوّج له قبل الانتخابات.

الأخطر من ذلك، أن عدداً من النصوص المصادق عليها خلال هذه الولاية لا تحمل أي نفس إصلاحي، بل تسير في اتجاه معاكس تماماً، يمسّ الحقوق والحريات، ويضيّق على الفضاء العام، ويُفرغ المؤسسات الدستورية من أدوارها الرقابية والتشاركية. وكأن الدستور لم يعد مرجعية ملزمة، بل مجرد نص للزينة يُستحضر في الخطابات ويُغيّب في الممارسة.

قانون المجلس الوطني للصحافة يشكل المثال الأبرز على هذا الانحراف التشريعي. قانون مرّ بسرعة مثيرة للريبة، وسط تجاهل تام لاعتراضات فرق المعارضة بمجلس المستشارين، التي لم تجد بداً من الانسحاب من جلسة التصويت، حتى لا تتحول إلى شاهد زور على مهزلة تشريعية تستهدف الجسم الصحافي، أحد آخر فضاءات التعبير الحر في البلاد. تمرير هذا القانون لم يكن مجرد خطأ سياسي، بل رسالة واضحة مفادها أن الحكومة لا ترى في الصحافة شريكاً، بل عبئاً يجب ضبطه وتطويعه.

وما يزيد من خطورة هذا المسار، هو توقيته. فبينما ينشغل المغاربة بمتابعة تظاهرات رياضية كبرى، وعلى رأسها كأس إفريقيا للأمم، تمر القوانين الثقيلة بصمت، في غياب نقاش عمومي واسع، وكأن الرهان هو تمرير أكبر قدر ممكن من النصوص المثيرة للجدل بأقل تكلفة سياسية.

المسؤولية هنا لا تقع على رئيس الحكومة وحده، بل تشمل الأحزاب الثلاثة المشكلة للأغلبية، التي تتحمل مجتمعة وزر هذا العبث التشريعي، وما قد يترتب عنه من تراجع في منسوب الثقة في المؤسسات، ومن تقليص لهوامش الإصلاح أمام الحكومات المقبلة.

أمام هذا الوضع، لا غرابة أن تتزايد الأصوات المطالبة بالتعجيل بنهاية هذه الولاية، ليس رغبة في الفراغ، بل سعياً إلى تقليص الخسائر، وإيقاف نزيف تشريعي قد تكون كلفته باهظة على الحقوق والحريات والديمقراطية في البلاد. وتبقى انتخابات 2026، في نظر كثيرين، فرصة أخيرة لإعادة تصحيح المسار، ومحاسبة من اختاروا أن يمرروا القوانين ضد مصلحة المواطنين، بينما كان المواطن منشغلاً بالمباريات والأهداف داخل الملاعب، لا بالخسائر التي تُسجَّل خارجه.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News