حزب العدالة والتنمية وأحداث غزة بين التطبيع والتضبيع

جورنال249 أغسطس 2022
جورنال24
أقلام وأراءالواجهة
ابن كيران العدالة التنمية

في الوقت الذي ظل فيه موقف حزب العدالة والتنمية من قضية إعادة العلاقات مع إسرائيل مبهما وغير واضح، علما أن قياداته البارزة دافعت عن القرار ودعمته بل وعبرت عن استعدادها لزيارة إسرائيل، فإن الوقائع والأحداث التي تعرفها الساحة الفلسطينية تزيد من ضبابية موقف هذا الحزب، الذي يرفع شعارات دعم القضية الفلسطينية ويتهم كل من تأخر عم ذلك بخيانة القضية وبيع دماء شهداء الشعب الفلسطيني، رغم أنه هو نفسه لم يستطع لحد الآن ببيان جامع مانع يوضح فيه صراحة موقفه من تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وفي نفس الوقت لا يتورع الحزب ذي المرجعية الإسلامية، عن مهاجمة خصومه الذين يعبرون عن مواقف مناقضة لمواقفه الراديكالية تجاه القضية الفلسطينية، إلى درجة وصل فيها إلى توجيه الانتقادات للجهات الرسمية، كما فعل مع بلاغ وزارة الخارجية والتعاون والدولي والمغاربة المقيمين بالخارج، الذي أكدت فيه أنها تتابع بقلق بالغ ما تشهده الأوضاع في قطاع غزة من تدهور كبير، نتيجة عودة أعمال العنف والاقتتال وما خلفته من ضحايا وخسائر في الأرواح والممتلكات، وهو أمر اعتبره الحزب تراجعا عن دعم الشعب الفلسطيني، ناهجا في ذلك مبدأ ويل للمصلين.

وحتى لو اعتبرنا أن وزارة الخارجية والتعاون اقتصرت في بلاغها على هذه العبارة فقط التي اقتطعتها لجنة العلاقات الدولية لحزب ابن كيران، وبنت عليها بلاغها الأرعن، فإن هذا لا يعني أي شيء مما ذهبت إليه تلك اللجنة، وعلة ذلك أن بلاغات الجهات الرسمية  ومواقفها حيال عدد من القضايا الحساسة التي تتفاعل معها  تحكمها مبادئ الحزم والحكمة والدبلوماسية الهادئة، وهذا المنهج هو الذي جعل المغرب ينتصر في معارك دبلوماسية كثيرة.

لذلك فلا يحق لحزب العدالة والتنمية الذي ننتظر منه أن يصدر وثيقة سياسية يعبر فيها صراحة عن موقفه من التطبيع علما أن توقيع اتفاقيات إعادة العلاقات مع إسرائيل وقعت في عهده و ووقعها أمينه العام السابق بصفته رئيس للحكومة آن ذلك، لا يحق له أن يجتزأ من بلاغ وزارة الخارجية جزء يسيرا يبني عليه موقف غير مفهوم ليدفع كتائبه الإلكترونية للهجوم على وزارة الخارجية والدولة المغربية، في ذات الوقت الذي شن الذباب الإلكتروني لجار السوء هجوما مماثلا للنيل من سمعة المغرب، وخلق الفتنة بين الشعبين المغربي والفلسطيني الذي تربط بينهم روابط الدم قبل راوبط الدين والعرق.

بلاغ لجنة حزب العدالة والتنمية، تناسى هنا الإشارة إلى أن وزارة الخارجية شددت على أن “المملكة المغربية التي يرأس عاهلها الملك محمد السادس، لجنة القدس، تدعو إلى تجنب مزيد من التصعيد واستعادة التهدئة لمنع خروج الأوضاع عن السيطرة وتجنيب المنطقة مزيدا من الاحتقان والتوتر الذي يقوض فرص السلام”.

كما تجنبت اللجنة ذاتها إدراج معطيات مهمة وردت في بيان الخارجية من قبيل أن “المملكة المغربية تجدد مواقفها الثابتة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني..”.

وهذا دليل على أن الحزب الإسلامي، تعمد عن سبق إصرار وترصد غض الطرف عن هذه المعطيات، فقط من أجل المتاجرة بدماء شهداء الشعب الفلسطيني ودغدغة عواطف البسطاء.

بل تناسى الحزب، بلاغ الديوان الملكي، حين اقتجام المسجد الأقصى من طرف قوة عسكرية إسرائيلية واعتدائها على المصلين، بلاغ صدم الإصدقاء قبل الأعداء، وذلك لأن لا أحد كان ينتظر أن يصدر القصر بلاغا بتلك الحدة والصرامة في تلك الضرفية وبعد أن عادت العلاقات المغربية الإسرائيلية إلى سابق عهدها قبل 2002.

الغريب في هذا أيضا، هو أن ابن كيران طالما أكد أن السياسة الخارجية هي مجال محفوظ للملك، وبالتالي وجب مراعاة هذا الأمر حين كتابة البلاغ وممارسة التدليس والتلبيس فيه.

هناك ملاحظة مهمة وجب التنبيه إليها هنا، وهو موقف حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي نأت بنفسها عن المعركة، دون أن يتهمها أحد أنها خانت وباعت الشعب الفلسطيني وأنها تقاعست عن نصرة حركة الجهاد، وبالتالي في أي خانة يمكن أن يصنف حزب العدالة والتنمية موقف حماس خلال هذه المواجهة.

يبدو أن حزب العدالة والتنمية، يريد أن يلملم شتاته بالعزف على نغمة الحشد الفطري لعموم المواطنين تجاه قضية الشعب الفلسطيني، ولو كان ذلك بتزييف الحقائق وإطلاق التهم جزافا دون تدقيقا، لذلك حق لنا أن نردد قول الشاعر

وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ

وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News