العفو الرئاسي في الجزائر.. محاولة يائسة لاحتواء الحراك الشعبي المتجدد

حالة من الارتباك مع تجدد مطالب الحراك الشعبي وانطلاق حملة رقمية واسعة عبر هاشتاغ «مانيش راضي

سعد الله الملالي27 ديسمبر 2024
سعد الله الملالي
الواجهةعربي دولي
مانيش راضي

لجأ رئيس النظام الجزائري، عبد المجيد تبون إلى إصدار عفو رئاسي شمل 2471 محبوسًا، بما فيهم من تعتبرهم السلطات متورطين في قضايا تمسّ «النظام العام»، وذلك في حالة من الارتباك مع تجدد مطالب الحراك الشعبي وانطلاق حملة رقمية واسعة عبر هاشتاغ «مانيش راضي»، الذي يعكس الغضب الشعبي من الأوضاع الراهنة. في محاولة لتهدئة الأوضاع،

ورغم تصوير الخطوة كجزء من «تدابير التهدئة»، إلا أن المشهد السياسي والاجتماعي يعكس فشل هذه المبادرة في امتصاص الغضب الشعبي المتزايد، حيث وصفها مراقبون وحقوقيون بأنها محاولة يائسة. فبدلًا من تحقيق تهدئة حقيقية، استمرّت الاعتقالات التي طالت نشطاء حملة #مانيش_راضي، مما زاد من حدة الانتقادات الموجهة للنظام.

كما يشكّل إصدار العفو الرئاسي في توقيت غير تقليدي – مع بداية العام الميلادي – ظاهرة غير مألوفة في الجزائر. فالرؤساء الجزائريون عادة ما يلجأون إلى هذه الخطوة خلال الأعياد الوطنية والدينية. لكن إعلان العفو هذه المرة يعكس حالة من القلق والتخبط أمام الضغوط الداخلية المتصاعدة.

جاء هذا العفو بعد أقل من شهرين على عفو رئاسي آخر بمناسبة ذكرى «الثورة التحريرية». ويبدو أن النظام يسعى يائسًا لتخفيف الاحتقان المتصاعد، وسط فشل الإجراءات القمعية المعتادة في كبح موجة الغضب الشعبي.

بعد ساعات فقط من إعلان العفو الرئاسي، أطلقت السلطات حملة اعتقالات جديدة يوم الخميس 26 ديسمبر 2024، طالت عددًا من النشطاء البارزين، بينهم إلياس سليج وسفيان ربيعي. ووصفت منظمة «شعاع» الحقوقية هذه الخطوة بأنها «نسف لأي حديث عن التهدئة»، مؤكدة أن النظام لا يزال يعتمد على القمع الممنهج كأداة رئيسية في التعامل مع المعارضة.

وفي السياق ذاته، حذرت المنظمة من استمرار حملة الاعتقالات، مشيرة إلى أن العفو الرئاسي يبدو مجرد ورقة دعائية تهدف إلى تلميع صورة النظام أمام الضغوط الدولية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

ومع استمرار الاعتقالات وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، يدعو النشطاء لاستئناف المظاهرات الشعبية اعتبارًا من يوم الأربعاء 1 يناير 2025. في المقابل، أطلق النظام حملة رقمية مضادة بعنوان «أنا مع بلادي»، لكنها جاءت بنتائج عكسية، حيث شهدت حملة #مانيش_راضي انتشارًا أوسع، مع انضمام النشطاء في الداخل والخارج لدعم الحراك الشعبي.

ويرى مراقبون أن الحراك الرقمي أصبح عنصرًا أساسيًا في التعبئة، حيث يجمع الجزائريين من مختلف الفئات حول مطالب مشتركة تتلخص في تنحي النظام العسكري وتأسيس نظام ديمقراطي يعبر عن إرادة الشعب.

وتشير التوقعات إلى أن عام 2025 سيشهد تصعيدًا سياسيًا وشعبيًا في الجزائر. مع دعوات استئناف الحراك، يبدو أن الشارع الجزائري عازم على المضي قدمًا نحو تغيير جذري، مستفيدًا من التجربة التي راكمها منذ انطلاق الحراك في 2019.

ومع تصاعد الضغط الداخلي والخارجي، يواجه النظام خيارات محدودة، بين محاولة احتواء الأزمة عبر إصلاحات حقيقية أو مواجهة موجة جديدة من الحراك الشعبي.

في النهاية، يظل الشعب الجزائري مستندًا إلى إرادة قوية للتغيير، رافضًا استمرار الاستبداد، ومطالبًا بدولة ديمقراطية حقيقية تحقق طموحاته الاقتصادية والاجتماعية.

 

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة