أثار إعلان مجلس الوزراء الجزائري، خلال اجتماعه الأخير، موافقته على مشروع قانون التعبئة العامة، موجةً من الجدل والتأويلات في الأوساط الشعبية والإعلامية. وربط العديد من المراقبين هذه الخطوة باحتمالية دخول البلاد في مرحلة مواجهة، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية في منطقة الساحل وعلى الحدود الجنوبية.
ويرى المراقبون أن هذا الجدل، وإن بدا مبررًا للبعض، إلا أنه مُبالغ فيه إلى حد كبير، نظرًا لأن مشروع القانون أُعدّ مسبقًا في إطار مؤسساتي، ولم يكن وليد اللحظة أو استجابةً مباشرة لتطور أمني محدد، بل يندرج في سياق تنظيمي أوسع.
يستند مشروع القانون الجديد إلى المادة 99 من الدستور، التي تندرج ضمن باب الحالات الاستثنائية، إلى جانب المواد 97 و98 و100 و101. ويؤكد هذا الإطار الدستوري أن التعبئة العامة لا تعني بالضرورة إعلان حرب، بل قد ترتبط بظروف تهديدات جسيمة أو طوارئ ناجمة عن كوارث طبيعية أو تحديات أمنية تتطلب استعداد الدولة والمجتمع.
وبالإشارة إلى المادة ذات الصلة، يُخول رئيس الجمهورية إعلان التعبئة العامة بعد الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن واستشارة رئيسي غرفتي البرلمان. ولم تُعلن رئاسة الجمهورية عن هذه الخطوات، ما يعني أن الأمر يقتصر على مناقشة مشروع قانون، والذي سيُحال بدوره بشكل طبيعي إلى البرلمان حتى إقراره النهائي.
والتعبئة العامة، كما يفسرها بعض المحللين، لا تُرادف التجنيد الإجباري أو الحرب. بل إنه يشمل تعبئة شاملة للدولة والمجتمع، قد تشمل استدعاء الاحتياطيات، وتعبئة المرافق المدنية، وتعبئة الموارد الوطنية لمواجهة تهديد محدد، سواءً أكان أمنيًا أم بيئيًا أم حتى صحيًا. في هذا السياق، يُجادل الدكتور أحمد مؤنس في مقالة بأن مفهوم التعبئة العامة قد خضع للاختبار عدة مرات في تاريخ الجزائر، لا سيما خلال ثورة التحرير، وحرب الرمال، وسنوات العشرية السوداء. وهذا يضع مشروع القانون الحالي في خانة التحضير الدستوري والتنظيمي أكثر منه مؤشرًا على صراع وشيك.
