نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا بعنوان “الإمارات تكسر الجبهة العربية ضد دونالد ترامب”، أكدت فيه أن الإمارات تعمل على شق الصف العربي الذي بدا موحدا ضد اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترحيل مليوني فلسطيني من قطاع غزة إلى مصر والأردن.
وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما سئل يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن منذ عام 2008، عن وجود اقتراح عربي بديل لإعادة بناء القطاع الفلسطيني، أبدى شكوكه قائلا: “لا أرى بديلا لما يتم طرحه، حقا لا”.
وأضاف: “إذا كان لدى أي شخص اقتراح فنحن مستعدون لمناقشته واستكشافه، لكنه لم يظهر بعد”.
وكشف العتيبة أن الإمارات ستسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة مع إدارة ترامب، قائلا: “أعتقد أن النهج الحالي سيكون صعبا”. “في النهاية، نحن جميعا على طريق إيجاد الحلول، ولا نعرف بعد إلى أين سيقودنا هذا الطريق”.
ويؤكد التقرير الذي أعدته مراسلة لوموند في بيروت هيلين سالون أن هذه الشكوك تتناقض مع تصميم الشركاء العرب على مواجهة خطة ترامب. فقد اتخذت مصر والأردن، اللتان اعتبرتا النقل القسري للفلسطينيين إلى أراضيهما خطاً أحمر، إجراءات مبكرة بعد أن فهمتا أن اقتراح الرئيس الأميركي ليس مجرد نزوة. وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أول من دخل المشهد وبدا متوتراً في هذه الممارسة الحساسة. وخلال لقائه مع ترامب في واشنطن في 11 فبراير، أشار إلى وجود خطة عربية بديلة.
من جهتها، أعلنت مصر أنها ستعقد قمة عربية طارئة في القاهرة في 27 فبراير لتقديم هذا الاقتراح. في غضون ذلك، برزت السعودية منذ اندلاع حرب غزة كحامية لحل الدولتين، حيث استضافت مجموعة اتصال عربية لمناقشة خطط إعادة الإعمار والحكم بعد الحرب وانضمت إلى الرفض التام لخطة ترامب.
وقد عارضتها السعودية بشدة، خاصة بعد أن شكك الرئيس الأميركي في التزامها بإقامة دولة فلسطينية، في حين أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن المملكة لديها مساحة كافية لاستيعاب الفلسطينيين.
وفي مقابلة على شبكة “سي إن إن”، أكد الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق وسفيرها لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، التزام المملكة بالقضية الفلسطينية، مما مهد الطريق أمام المعلقين السعوديين لإطلاق انتقادات لاذعة لنتنياهو، ووصفه بـ”المتطرف”.
وبحسب حسين إبيش، الخبير الخليجي في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، فإن الإمارات لا تعارض موقفا عربيا موحدا، لكنها تتبنى نهجا أكثر ليونة تجاه خطة ترامب لأنها تشعر بأنها عالقة في صفقة مع ترامب ونتنياهو؛ وتأتي النبرة الأكثر قسوة من مصر والأردن، بدعم من السعودية.
وأبرز التقرير العالمي التناقضات في المواقف وقال إنه في إطار اتفاقيات إبراهيم الموقعة في عام 2020 مع البحرين والمغرب وترامب ونتنياهو، قامت الإمارات بتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ اندلاع حرب غزة، كثفت الإمارات نبرتها ضد “إسرائيل” دون إعادة النظر في سياستها تجاه الدولة اليهودية. وفي الخامس من فبراير، أكدت أبو ظبي رفضها المطلق لأي انتهاك لحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف أو أي محاولة لتهجيرهم، وبالتالي دعمت التزامها بإنشاء دولة فلسطينية.
لكن صحيفة لوموند تشير إلى أن يوسف العتيبة، وهو خبير في المناورات الدبلوماسية في واشنطن، أشار إلى أنه يشك في قدرة الدول العربية على اقتراح خطة من شأنها أن ترضي ترامب.
وقال عزيز الغاشيان، الخبير في الشؤون السعودية: “لا تستطيع السعودية والدول الأخرى أن تفعل الكثير باستثناء تأكيد رفضها؛ وسوف تقدم خطة لتحويل طاقة دونالد ترامب إلى عملية سياسية”.
وأفادت صحيفة لوموند أن مصر، بحسب قناة العربية السعودية، تدرس إنشاء مناطق آمنة لضمان عودة سكان غزة، في حين توكل إلى شركات دولية إعادة الإعمار بدعم عربي وأوروبي. وقد أعلنت دول الخليج مرارا وتكرارا استعدادها لتقديم دعم مالي وسياسي ولوجستي كبير لإعادة إعمار غزة تحت الحكم الفلسطيني.