بقلم..إيمان الفناسي
هناك حديث نبوي يقول أن أصل فساد الأمم هو مسارعتها لمعاقبة الوضيع حين يقدم على السرقة وتغاضيها عن سرقة الوجيه، والأصوب أن يكون عقاب الوجيه أنكى لأن غناه يعصمه من الانزلاق نحو دروب الإجرام والانحراف وقضية فتيحة صاحبة الروتين اليومي جزء من هذه القاعدة فأي انحراف في المجتمع يجب أن يقابل بالحزم والصرامة وأن يعاقب مقترفه بلا تردد لأن في عقابه حماية للمجتمع ككل.
فتيحة أخطأت وتستحق أن تزجر لكن لماذا تحامل الكل عليها وتناسوا من ارتكبوا فظاعات تفوق فظاعتها آلاف المرات؟ ببساطة لأننا مجتمع فاسد يغفر زلة الوجيه ويحاكم زلات الضعفاء ، ما فتيحة غير امرأة فقيرة جاهلة باحثة عن المال تبذل قصارى جهدها لتنتشل نفسها من ضغط الفاقة والحاجة وكثيرون غيرها لا ضغوط تدفعهم للفساد والإفساد لكنهم غارقون في الرذيلة حد الثمالة.
منذ عقود وقنواتنا الرسمية تجتهد في تزييف وعي المواطنين وتخدرهم بكل أنواع البرامج والمسلسلات الهابطة هل حاسب أحد مسؤوليها؟ هل حاسب أحد منظمي موازين التي استضافت راقصة تبرز مؤخرتها للجمهور ومغنيا منحرفا مدمنا لا خلاق له؟ هل حوسب الذين استضافوا ادومة ومايا وفتيحة صاحبة الروتين نفسها ممن كان همهم جمع اللايكات وتكثير المشاهدات؟هل حوسب مغني الراب طوطو على كلامه البذيء؟وغير هؤلاء كثيرون.
إن سياستنا الإعلامية الفاشلة منذ زمن البصري هي التي أنجبت جيل الضباع الذي يردد الكلام الساقط اليوم في اليوتيب ويتعرى أمام الكاميرات دون وازع أخلاقي بل إن الوقاحة وصلت ببعضهم إلى درجة ممارسة العادة السرية في اللايفات .إن هذه السياسة التي ترمي إلى الهاء الشعب على حد تعبير تشومسكي هي تنتج في نهاية المطاف امة بلا بوصلة وبلا قيم وعلى الدولة قبل أن تحاكم فتيحة ومن هم على شاكلتها من البسطاء أن تحاكم سياساتها الفاشلة في ميدان الإعلام بقي أن أضيف أن جوقة من صناع التفاهة تصدروا قائمة المطالبين برأس فتيحة (لا اعتراض طبعا على المطلب لأنه مشروع ووجيه) ليبلغ المشهد ذروة السريالية فحتى التافهون في بلدنا ملوا من تفاهتهم وهذا منتهى ما يمكن أن نصل إليه في رحلة النزول إلى الحضيض.