عمر العمري : غزة ونهاية النظام الفرعوني العالمي..

جورنال2418 مارس 2025
جورنال24
أقلام وأراءالواجهة
جماس قطر المكسيك قطاع غزة الفاتيكان فلسطين المغرب بيت
omar e1742307431433 - جورنال 24
عمر العمري كاتب الصحفي

الظلم، بطبيعته الديناميكية، لا يبقى ثابتا، بل يتمدد تدريجيا حتى يبلغ حده الأقصى، حيث تبدأ تناقضاته الداخلية في التفاقم، وتتآكل أسسه الذاتية، مما يؤدي إلى اختلال توازنه وظهور ملامح التغيير.

لكن، هل يسقط الظلم من تلقاء نفسه؟
يؤكد التاريخ والواقع أن زوال أي منظومة ظالمة لا يتم دون قوة مضادة، دون وجود من يكشف مكامن الخلل، ودون “مبلغ” يفضح الممارسات الجائرة ويكون شاهدا عليها: “ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم”. تأمل: “من أنفسهم”، أي واحدا منهم.

ولم يكن سقوط النظام الفرعوني في القرآن حادثا عرضيا في مسار الحضارات، بل كان استجابة لقانون كوني صارم: “وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا”. هناك موعد زمني.

وعندما بلغ فرعون أقصى درجات طغيانه – قتل الأطفال، استحياء النساء، استعباد البشر – كان ذلك إيذانا بانطلاق عملية التغيير، التي لم تكن ممكنة دون ظهور “موسى”، حاملا القيم النقيضة التي تفضح بنية الاستبداد وتؤسس لمسار مغاير.

اليوم، يعيد التاريخ إنتاج ذاته في مشهد أكثر وضوحا، غزة، التي أضحت رمزا لمعركة الحق ضد نظام عالمي متوحش، تقف في مواجهة منظومة بلغت أقصى درجات بطشها، منظومة لا تتورع عن الإبادة الجماعية، وتتمتع بدعم غير مشروط من قوى كبرى فقدت أي توازن أخلاقي أو قانوني..

الأسئلة المطروحة لم تعد تتعلق بما إذا كان الظلم قد بلغ ذروته، بل هل بدأ في الانحدار (الموعد)، ومن سيمثل تلك القوة المضادة (من أنفسهم) التي ستعيد رسم المشهد؟

أعتقد أن التحولات الكبرى لم تكن يوما ضربا من العشوائية، بل كانت دائما مشروطة بظهور قوى تقود عملية التغيير، تفضح زيف الخطاب السائد، وتكسر القواعد التي بدت ثابتة..

وحينما يصل الظلم إلى حدوده القصوى، لا يصبح السؤال “هل سينهار؟” بل “كيف ومتى سيحدث ذلك؟”، ومن الذي سيتجسد فيه صوت الحق الذي يعيد ضبط مسار التاريخ؟

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News