على من يضحك نبيل عيوش، وزوجته، مريم التوزاني، مخرجة فيلم “القفطان الأزرق”، الذي فاز في مهرجان كان الفرنسي دون أن يعرض في القاعات السينمائية ومع ذلك تم اختياره لجائزة الأوسكار، وهما يتحدثان عن الفيلم على القناة الثانية، حول التقاليد وحول “تمعلميت” والصنعة والحب والألوان، لكن لم تكن لديهم الجرأة للإعلان عن أن الفيلم عن الشذوذ الجنسي؟ رجل متزوج بامرأة تحبه وستقبل شذوذه الجنسي مع مستخدم عنده؟
SYNOPSIS
« Halim est marié depuis longtemps à Mina, avec qui il tient un magasin traditionnel de caftans dans la médina de Salé, au Maroc. Le couple vit depuis toujours avec le secret d’Halim, son homosexualité qu’il a appris à taire. La maladie de Mina et l’arrivée d’un jeune apprenti vont bouleverser cet équilibre. Unis dans leur amour, chacun va aider l’autre à affronter ses peurs.»
أنا أتساءل بكل هدوء: ألم يكن هناك أي فيلم آخر يمثل المغرب أحسن تمثيل في مهرجان مراكش الدولي غير هذا الفيلم؟ طبعا هناك أفلام أخرى.
وهل شحت القضايا التي تهم المجتمع المغربي الذي يتخبط في مشاكل جمة: الفقر والفوارق الطبقية والتعليم والصحة وانتهاك حقوق المرأة وحتى الرجل زيادة على غلاء المعيشة والجفاف؟ فقط هذا هو الموضوع الذي جادت به قريحة المخرجة؟ والذي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالمجتمع المغربي الذي له خصوصياته الثقافية والاجتماعية والدينية.
حتى لو افترضنا ذلك من باب المزاح، فهل هناك امرأة تعرف أن زوجها شاذ جنسيا أو كما يقال (فيه الفارة وأستسمح على ذلك حتى لا أفقد لبقاتي) وتبقى معه؟ وأنا هنا أشهد على إنني وقفت على مثل هذه الحالة طلبت المرأة الطلاق بعد صدمتها وخوفا على أولادها.
على من تيضحكو؟ وهم تيخدعو المشاهد المغربي؟
على من يضحك الممثل الفلسطيني، صالح بكري، الذي مثل في الفيلم إلى جانب الممثلة البلجيكية لبنى أزبال (هاد الممثل هو لي غادي يمثل الرجل المغربي)؟
بكري الذي نعرفه جيدا من خلال مجموعة من الأفلام، صرح لميكروفون القناة الثانية: أن الفيلم يتطرق للحرية وهو كممثل فلسطيني يعني له الشيء الكثير…ما فهمتش أشنو يعني ليه الشيء الكثير…المهم بدون تفاصيل…
لماذا هذه الإهانة للمجتمع المغربي وللأسرة المغربية؟ لماذا هذه السبة في حق مدينة سلا العريقة والأصيلة التي قدمت الشيء الكثير لهذا البلد: وطنيين ووطنيات ومثقفين ومثقفات ودبلوماسيين ودبلوماسيات وعلماء وعالمات…وصنايعية وصنايعيات؟
أنا هنا لا أناقش حرية الإبداع كما يحلو للبعض، هذه مسلمة ولكن أناقش رمزية الشيء وعوالم الفيلم التي تحمل دلالات ومعاني ثقافية واجتماعية وتصور للعالم وللحياة وللإنسان.
وكما قال احد السينمائيين: “ملي يخرج الفيلم للوجود فلابد من تقبل النقد”، طبعا أي إبداع يخرج للوجود لم يعد ملك للمبدع بل للجميع، وبالتالي لابد من النقد والتحليل.
من المؤكد أن هناك قوى غربية ترفع شعار العولمة ومدججة بالمال والإعلام والإشهار، وبذباب الكتروني تريد أن تفرض الشذوذ الجنسي (هكذا كانت تسميه المنظمة العالمية للصحة قبل السبعينات ثم بفعل الضغوطات بدلت الاسم إلى المثلية الجنسية)، على جميع الدول وخاصة العالم العربي الإسلامي المعروفي بمحافظته وتدينه الفطري وتوازنه الجنسي.
وذلك ليس من منطلق حقوقي أو فلسفي…ولكن لإفساد المجتمعات الإنسانية وضرب الأسرة في العمق وإحلال البيدوفيليا والاغتصاب، فاليوم كل الأسر والآباء أصبحت تخاف على أطفالها وبناتها من الاغتصاب او البيدوفيليين والشواذ الجنسيين، ليس فقط في العالم العربي والإسلامي بل حتى المجتمعات الغربية التي أصبحت تشهد تحركات الجمعيات والمنظمات الحقوقية والأسرية في هذا الإطار. والمقالات موجودة التي تؤكد ذلك.
لست ضد مناقشة هذا الموضوع الذي يعتبره البعض طابو او “حشومة”، بالعكس لابد من مناقشته على جميع المستويات البيولوجية والجينية والدينية والاجتماعية والفلسفية حتى نصل إلى تحليل علمي لجذور الظاهرة، هل بالفعل المسألة طبيعية أم غير طبيعية، النقاش سيكون مفيدا للجميع، بغض النظر عن قناعاتنا المسبقة (قوله تعالى : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، يعني كل المخلوقات وفيها مسألة التزاوج، “وكفى بالله شهيدا” صدق الله العظيم).
لكن أن يكون الأمر بطريقة تعسفية من خلال فيلم أو مسرحية أو رواية، بحجة من الحجج الواهية كالحداثة أو الحرية الجنسية أو الشخصية (هذه فلسفلة نعرفها من عدة عقود وليس الآن)، فهذا أمر لا يقبله لا العقل ولا الذوق، بل استهتار بقيم المجتمع وذكاء المشاهد وجريمة في حق الأجيال.
وليقال عني ما يقال، فلم نعد نبالي ولم نعد “نصدع رؤوسنا مع أناس خارجين عن السياق القيمي والأخلاقي والاجتماعي”، وأنا لم أحب إثارة الموضوع حتى عندما عرض الفيلم بمهرجان كان، وأنا اعرف العديد من يشتغلون في الحقل السينمائي والفني والمسرحي (فضلا عن الشريحة العريضة من المجتمع) من لا يتفقون مع هذه الأمور لكنهم لا يريدون التعبير عن رأيهم خوفا على لقمة عيشهم.
لكن ما دمنا نعيش في مجتمع واحد بدستور واحد ونؤمن بالفضاء العام فلابد من النقاش ومن النقد (البناء) ولابد من احترام الدستور الذي يكفل حرية الرأي والتعددية واحترام خصوصيات المجتمع المغربي الثقافية والروحية.
إن المغاربة يحبون التوازن في كل شيء، مع الحرية ولكن ليس المطلقة، مع التدين ولكن ليس التطرف، مع الحداثة وليس الميوعة أو الانحلال…مع الحب ولكن ماشي البسالة، مع السينما ولكن ليس مع نموذج،”الزين لي فيك” أو “قفطانك محلول”،عفوا “القفطان الازرق”.
المغاربة يعرفون جيدا القفطان المغربي الأصيل، الذي يواتي المرأة المغربية، والذي توارثناه أبا عن جد أو أما عن جدة، و”سولو الصنايعية الحقاق يجابوكم”.
رجاء لا تجعلوا السينما أو الحقل السينمائي حقل فضائح ببلادنا مثل ما وقع هذه السنة (بطنجة وغيرها)، نريد سينما جميلة وعميقة وممتعة فنيا وجماليا وموضوعاتيا، سينما يجد فيها المواطن المغربي نفسه، سينما تعبر عن همومه الحقيقية وتعطيه الأمل الذي فقده في الواقع الذي أضحى سوداويا، سينما تصالحه مع الجمال الذي لم يعد يراه أينما رحل وارتحل، وتصالحه أيضا مع ثقافته التي بترت وشوهت زورا وبهتانا، ومع ماضيه الحضاري الذي لوثوه وشككوه فيه.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
المدافع الأيسرمنذ سنتين
مقال ولا أروع أستاذنا الفاضل، فالسينما بيضاء ناصعة البياض يعمل منذ نشأتها، على خدمة المجتمعات من خلال التطرق إلى المواضيع المهمة من أجل التفكير فيها لحلها، أما الآن فقد “جُعِلَتْ” أداة لتخريب المجتمعات المحافظة على دينها وتقاليدها.
هل يمكن القول بأن الفيلم عبرة عن سيرة ذاتية للمنتج والمخرج؟ (هل حليم يمثل نبيل ومينة تمثل مريم).