يحق لكل أحد من الناس أن يعبر عن قناعاته إزاء القضايا التي يعتبرها مهمة بالنسبة له، كما يظل من حقه الدفاع عن تقدير معين، ورفض تقديرات أخرى مخالفة لما يؤمن به.
غير أنه وأثناء ممارسة هذه الحقوق، تبدر من الإنسان فائض معرفة وزيادة علم، فيشرع في وضع ما يسميه هو قواعد “علمية” يجب أن يلتزم بها الآخرون/الغير عند التعبير عن القناعات تجاه القضايا والحوادث.
شكلت فكرة/وسم #مقاطعة_مريندينا نموذجا تطبيقيا لهذا الكلام، حيث وضع كثير من المتفاعلين معه قواعد علمية ومنهجية توجيهية للرأي العام في تحديد قواعد اشتباك مع المنتوج ومع الشركة، أجمعت على السخرية من انحطاط سقف النضال (ضد مريندينا)، وتنوعت بين الدعوة الصريحة إلى الاهتمام بقضايا معقولة وحقيقية، وثانيا عدم انجاح حملة إشهارية مجانية للشركة.
شاء القدر أن يمنح الجميع فرصة للاستفادة من القواعد المنهجية والنصائح العلمية والتوجيهات المنطقية من خلال وسم #أخنوش_ارحل، فجميع سلبيات “مريندينا” منتفية في حالة “السي عزيز” رئيس الحكومة.
كان سقف التوقعات أن يكون منتقدو مريندينا في طليعة المتفاعلين مع #ارحل، باعتباره جامعا لملاحظاتهم السابقة، وكونه فرصة لتقييم سياسات رئيس حكومة بلد يعيش مواطنوه تهديدا بالعطش غير مسبوق، وموسما فلاحيا مأساويا، وغلاء فاحشا في جميع الأسعار والمواد الاستهلاكية.. تقابله الحكومة بقرار #التلقيحمقابلالأجرة، مع تهديد الموظفين بالاقتطاع من الأجور!
بغض النظر عن الموقف من الوسمين، وعن الاتفاق معهما جزئيا أو كليا يظلان تعبيرا عن تفاعل المجتمع مع ما يراه مخالفا لقناعاته أو إمكاناته، أو حتى مقاوة مجتمعية لتحالف الثروة والسلطة.
“الغايب حجتو معاه” هكذا علمنا المغاربة الأوائل، لكن المثير هو اختيار الانسحاب من كل نقاش توجه فيه أصابع الاتهام لتحالف السلطة والثروة، غير أنه ينقلب الحضور إلى محاكمات، تعالم، وسخرية، كلما كان البسطاء الذين لاظهر لهم في السلطة، ولا يد لهم في الثروة هم الطرف المعني بالانتقاد.
عموما نحن الآن أمام تمرين في العالم الافتراضي، لكنه مؤثر في الواقع، ويحرك قرارات على الأرض، سيكون عدم تحديد موقف منها مدعاة للشك في علاقة الموجهين والساخرين من مقاطعة مريندينا بعزيزهم أخنوش.