الهاكا هي رقصة تقليدية تعود أصولها إلى الماوريين، السكان الأصليين لنيوزيلندا. تجمع بين الصيحات الجماعية والحركات العنيفة التي تتناغم مع ضرب الأرض بالأقدام، وتؤدى كوسيلة للتعبير عن القوة، التحدي، والترحيب، مما يعكس التراث الثقافي العريق لهذا الشعب.
تاريخ الرقصة
في الماضي، كانت الهاكا تؤدى قبيل المعارك بهدف إبراز شجاعة المحاربين وترهيب الخصوم. كما استخدمت في الاحتفالات الكبرى، الترحيب بالضيوف البارزين، وتخليد الإنجازات، إضافة إلى الجنائز والمناسبات الرسمية.
أسلوب الأداء
تعتمد رقصة الهاكا على تناغم الجسد والصوت، حيث يقوم المؤدون بتبديل ملامح وجوههم بحركات كالتلمظ وجحوظ العينين، إلى جانب ضرب الأرض بالأقدام وصفق الأيدي على الجسد. تُصاحب هذه الحركات صيحات مرعبة وأناشيد تُعبر عن مشاعر الشجاعة أو الفرحة أو الحزن وفقًا للمناسبة.
أنواع الهاكا
تتعدد أشكال الهاكا لتشمل أنواعًا مختلفة، منها:
- بيروبيرو: رقصة حربية تقليدية تُؤدى قبيل المعارك، وتتميز بالقفز مع ثني الركبتين وتعبيرات الوجه المرعبة، وكان أداؤها المتناغم يُعدّ علامة فأل حسن قبل القتال.
- توتو نغاراهو: تتضمن القفز من جانب إلى آخر.
- فاكاتو وايواي: تخلو من القفز، مع تركيزها على الحركات الأرضية.
- نغيري: رقصة حرة تُحفز المحاربين وتترك للراقص حرية التعبير بجسده.
- ماناوا ويرا: مخصصة للجنائز ومناسبات الموت، تتسم بقلة الحركات وتُؤدى دون أسلحة.
أشهر هذه الأنواع اليوم هي كا ماتي، التي تعود أصولها إلى الزعيم الماوري “تي راوباراها”، وهي رمز للاحتفال بانتصار الحياة على الموت.
أداء الهاكا ومن ينفذها
تقليديًا، يؤدي الهاكا الرجال، بينما يقتصر دور النساء على الغناء في الخلفية، باستثناء بعض الرقصات النسائية مثل كا بانابانا. أما في العصر الحديث، فقد توسع نطاق أدائها ليشمل النساء والأطفال، حيث تُقام عروض الهاكا في المدارس وتستخدم كوسيلة تعليمية لإحياء التراث.
الهاكا في العصر الحديث
اكتسبت الهاكا شهرة عالمية بفضل فرق نيوزيلندا الرياضية، التي تؤديها قبل المباريات الدولية كطقس يعكس الروح القتالية. بدأ هذا التقليد مع فريق نيوزيلندا لكرة القدم خلال جولته بين عامي 1888 و1889، واستمر مع منتخب الرجبي منذ عام 1905، ليصبح رمزًا عالميًا يجسد القوة والفخر بالتراث الماوري.