يعيش النظام العسكري المسيطر على الحكم في الجزائر، عزلة إقليمية غير مسبوقة، وذلك بعد أن وجد نفسه بلا أصدقاء، فبعدائه التاريخي للمغرب، واستعداء إسبانيا وفرنسا برود علاقاتها مع تونس، فقد الصداقة الروسية والتركية، تلك الدول التي استغلت علاقتها معه التثبيت نفوذهم في مالي وليبيا، وذلك بعد أن فتحت أبواب الخلاف معهم بسبب دعوات رئيس الجناح المدني في الجزائر، عبدالمجيد تبون بالمرتزقة”، إلى سحبهم من ليبيا، علما أن روسيا وتركيا اللتين تربطهما بالجزائر علاقات المفروض أنها استراتيجية على رأس المعنيين برسالة تبون.
ودعا الرئيس الجزائري إلى ضرورة إنهاء أي شكل من أشكال الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا وضرورة سحب المرتزقة بغض النظر عن تغيير أسمائهم. وهذه الدعوة قديمة، لكن تزامنها في الظروف الراهنة مع التطورات الملحوظة التي يشهدها العالم. إن المنطقة تضع الجزائر أمام حسابات إقليمية ودولية ستلقي بظلالها على علاقاتها الثنائية وعلى المنطقة بشكل عام.
وتقع مجموعة فاغنر الروسية وغيرها من المرتزقة التابعين لقوى إقليمية مثل تركيا، في قلب رسالة تبون، التي تثير قلق القوى الإقليمية والدولية الفاعلة على الساحة الليبية، وتدعو إلى إعادة النظر في علاقات الجزائر مع موسكو، وأنقرة، لاسيما مع الدور الواضح للطرفين في الأزمة القائمة بين الجزائر والقيادات العسكرية في السلطة.
منذ ظهور الدعم الروسي والتركي للمجلس العسكري الحاكم في مالي، على حساب الدور التقليدي للجزائر، أصبح انزعاج الجزائر واضحا من خلال الرد المبطن عليهما من خلال تعزيز التعاون والتشاور مع الولايات المتحدة وأوروبا، والبدء في الاستعداد لحرب جديدة. زيارة تبون إلى فرنسا، وهذه الأطراف هي التي عبرت عن موقف قريب من التوجه الجزائري، خاصة فيما يتعلق بضرورة احترام اتفاق السلم والمصالحة، والعودة إلى المسار الدستوري ورفض الاستعانة بالدعم الخارجي. القوات.
تريد الجزائر الرد على روسيا وتركيا اللتين تريدان سحب البساط من تحتها في مالي وعلى السواحل الإفريقية، من خلال طرح موقف يتعارض مع مصالحهما في ليبيا من خلال الدعوة إلى انسحاب مرتزقة الدول، نظرا للتهديد الذي يمثلونه. تهدد أمن واستقرار ليبيا والمنطقة بشكل عام، خاصة أن البلدين يشتركان في حدود برية تقدر بنحو ألف كيلومتر.
لقد حدث انقلاب واضح للمصالح الاستراتيجية التي تقودها موسكو وأنقرة ضد دور الجزائر في منطقة الساحل بسبب دعمهما للنخب العسكرية الموجودة في السلطة، خاصة في مالي، وتحولهما إلى قوى دعم ومساندة للنظام الجديد. زعماء باماكو مما منحهم الجرأة على التمرد على الدور الجزائري التقليدي ووضع المنطقة على حافة بركان.
وأكد الرئيس الجزائري، في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس الوزراء نذير عرباوي، في قمة برازافيل، التي انعقد فيها اجتماع اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي حول ليبيا، أن “استخدام القوة في ليبيا لن يؤدي إلا إلى يؤدي إلى استمرار الأزمة (…) وتدهور الأوضاع في المنطقة. » «إنه يعاني أكثر من غيره من الآثار السلبية لعدم الاستقرار والانقسام السياسي الذي يحتدم في هذا البلد الذي أصبح ملجأ للمسلحين والمليشيات والجماعات الإرهابية والشبكات الإجرامية لتهريب الأسلحة والمخدرات، ومعبر للهجرة غير الشرعية.
وجدد تبون دعوته كافة الأطراف الخارجية المعنية بالشأن الليبي إلى “الالتفاف حول هذا المسار البناء والالتزام باحترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها واستقلال قراراتها، لأن أي حل نهائي للأزمة الليبية لن يأتي إلا من خلال حل نهائي للأزمة الليبية، المسار الذي يكرس مبدأ السيادة الوطنية ويتولى فيه الأشقاء الليبيون شؤونهم.
منصورمنذ 10 أشهر
الجزائر ضحية مبادىء ولكن المبادىء تمرض ولا تموت